اول خطبة للرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة
يقول الطبري: « حدثني يونس بن عبد الأعلى قال: أخبرنا ابن وهب قال، حدثني سعيد بن عبد الرحمن الجمحي أنه بلغه عن خطبة رسول الله (ص) في أول جمعة صلاها بالمدينة في بن سالم بن عوف ، ثم ذكر الخطبة وهي كالآتي:
« الحمد لله أحمده، وأستعينه وأستغفره وأستهديه،
وأومن به ولا أكفره، وأعادي من يكفره،
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،
أرسله بالهدى ودين الحق، والنور والموعظة والحكمة على فترة من الرسل،
وقلة من العلم، وضلالة من الناس، وانقطاع من الزمان، ودنو من الساعة، وقرب من الأجل،
من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصي الله ورسوله فقد غوى وفرط. وضل ضلالا بعيدا،
أوصيكم بتقوى الله، واحذروا ما حذركم الله من نفسه، فإن تقوى الله لمن عمل به على وجل ومخافة من ربه،
وعون صدق على ما تبغون من أمر الآخرة،
ومن يصلح بينه وبين ربه من أمره في السر والعلانية لا ينوي إلا وجه الله، يكن له ذكرا في عاجل أمره،
وذخرا فيما بعد الموت، حين يفتقر إلى ما قدم، وما كان سوى ذلك يود لو أنه بينه وبينه أمدا بعيدا .
"ويحذركم الله نفسه، والله رءوف بالعباد"، هو الذي صدق قوله، وأنجز وعده، لا خلف لذلك، فإنه يقول: "ما يبدل القول لدي، وما أنا بظلام للعبيد" !
فاتقوا الله في عاجل أمركم وآجله، في السر والعلانية،
فإنه "ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته، ويعظم له أجرا" ومن يتق الله فقد فاز فوزا عظيما،
وإن تقوى الله تبيض الوجوه، وترضي الرب، وترفع الدرجة، فخذوا بحظكم ولا تفرطوا في جنب الله، فقد علمكم كتابه،
ونهج لكم سبيله، ليعلم الذين صدقوا ويعلم الكاذبين، فأحسنوا كما أحسن الله إليكم، وعادوا من عاداه، "
وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم" ، وسماكم المسلمين، "ليهلك من هلك عن بينة، ويحيى من حيي عن بينة" ،
لا حول ولا قوة إلا بالله،
فأكثروا ذكر الله تعالى،
واعملوا لما لعد الموت، فإن الله يقضي على الناس ولا يقضون عليه،
ويملك من الناس ولا يملكون منه،
الله أكبر، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم»