الملك المظفر أول من عمل المولد
هاكم شيئا من سيرته:
1- من سير أعلام النبلاء:
صاحب إربل، كوكبري بن علي التركماني: السلطان الدين، الملك المعظم، مظفر الدين، أبو سعيد كوكبري بن علي بن بكتكين بن محمد التركماني، صاحب إربل، وابن صاحبها وممصرها الملك زين الدين علي كوجك...وكان محبا للصدقة، له كل يوم قناطير خبز يفرقها، ويكسو في العام خلقا ويعطيهم دينارا ودينارين، وبنى أربع خوانك للزمنى والأضراء، وكان يأتيهم كل اثنين وخميس، ويسأل كل واحد عن حاله، ويتفقده، ويباسطه، ويمزح معه. وبنى دارا للنساء، ودارا للأيتام، ودارا للقطاء، ورتب بها المراضع. وكان يدور على مرضى البيمارستان. وله دار مضيف ينزلها كل وارد، ويعطى كل ما ينبغي له.
وبنى مدرسة للشافعية والحنفية، وكان يمد بها السماط، ويحضر السماع كثيرا، لم يكن له لذة في شيء غيره. وكان يمنع من دخول منكر بلده، وبنى للصوفية رباطين، وكان ينزل إليهم لأجل السماعات.
وكان في السنة يفتك أسرى بجملة، ويخرج سبيلا للحج، ويبعث للمجاورين بخمسة آلاف دينار، وأجرى الماء إلى عرفات.
وأما احتفاله بالمولد، فيقصر التعبير عنه؛ كان الخلق يقصدونه من العراق والجزيرة، وتنصب قباب خشب له ولأمرائه وتزين، وفيها جوق المغاني واللعب، وينزل كل يوم العصر، فيقف على كل قبة ويتفرج، ويعمل ذلك أياما، ويخرج من البقر والإبل والغنم شيئا كثيرا، فتنحر، وتطبخ الألوان، ويعمل عدة خلع للصوفية، ويتكلم الوعاظ في الميدان، فينفق أموالا جزيلة.
وقد جمع له ابن دحية (كتاب المولد)، فأعطاه ألف دينار.
وكان متواضعا، خيرا، سنيا، يحب الفقهاء والمحدثين، وربما أعطى الشعراء، وما نقل أنه انهزم في حرب، وقد ذكر هذا وأمثاله ابن خلكان، واعتذر من التقصير.
مولده: في المحرم، سنة تسع وأربعين وخمس مائة، بإربل....
قال ابن خلكان: مات ليلة الجمعة، رابع عشر رمضان، سنة ثلاثين وست مائة، وعمل في تابوت، وحمل مع الحجاج إلى مكة، فاتفق أن الوفد رجعوا تلك السنة؛ لعدم الماء، فدفن بالكوفة - رحمه الله تعالى - وعاش اثنتين وثمانين سنة.