الانوار المحمدية فى القران
مشاركةبواسطة البصيرة » الاثنين 29 ربيع الأول 1436هـ/19 يناير 2015م/23:08
سورة الأحزاب سورة شاملة جامعة ، جمع الله فيها أخلاق المؤمنين وصفات المتقين ، كما جمع الله فيها وظائف سيد المرسلين وما كلفه الله به من أحكام هذا الدين ، جمع الله لنا هذه السورة الكبيرة في آية واحدة وهي قول الله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} الأحزاب21
هذه الآية على صغرها تحتوي على ما في السورة كلها من علوم نافعة ومن أخلاق كريمة ومن عقيدة حقة ومن أسوة فاضلة ، بل تحتوي على خلاصة القرآن الكريم ، فالقرآن الكريم على علوه وفضله ، ما جاء لنا وما أنزله علينا ربنا إلا ليعلمنا فيه كيف نقتدي برسول الله؟ وكيف نتشبه به؟ وحقيقة التأسي به
بل إن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع علو بيانها ومع رفعة شأنها جاءت موضحة للطريقة الصحيحة لمتابعة رسول الله ، لأن متابعته صلى الله عليه وسلم سر النجاح لنا في دنيانا وفي أخرانا وسر رضا الله عنا ، فلن ننال رضا الله إلا بحسن متابعة رسول الله ولن ننال ما نرجوه عند الله في الدين والدنيا والآخرة إلا إذا كنا قريبين من رسول الله في صفاته قريبين منه في أخلاقه قريبين منه في عبادته متشبهين به في معاملاته
بل إن الأمر يوم القيامة يوزن بما كان يعمله رسول الله ، فصلاة المؤمنين توزن بصلاة رسول الله ، فكلما اشتد شبه الصلاة من أحدنا بصلاة رسول الله في ركوعها وسجودها وفي خشوعها كان قريباً من رسول الله في الجنة وكان بجواره في ظل العرش وكان من الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ، وكلما تشبه الإنسان على قدر استطاعته برسول الله في حياته كلما نال من الله إنعامه وفضله وكان مع رسول الله في درجة واحدة
عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ َقُالُ: {جَاءَتْ مَلائِكَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ نَائِمٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ فَقَالُوا إِنَّ لِصَاحِبِكُمْ هَذَا مَثَلًا فَاضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ فَقَالُوا مَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا وَجَعَلَ فِيهَا مَأْدُبَةً وَبَعَثَ دَاعِيًا فَمَنْ أَجَابَ الدَّاعِيَ دَخَلَ الدَّارَ وَأَكَلَ مِنْ الْمَأْدُبَةِ وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّاعِيَ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْ الْمَأْدُبَةِ فَقَالُوا أَوِّلُوهَا لَهُ يَفْقَهْهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ فَقَالُوا فَالدَّارُ الْجَنَّةُ وَالدَّاعِي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ أَطَاعَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسسلم فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَى مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلمَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فَرْقٌ بَيْنَ النَّاسِ}{1}
ولذلك خاطبكم ربكم ، وقال لكم: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} قدوة سليمة وحكيمة وعظيمة {لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} أي من كان يريد الله ورضاء الله وفرج الله وفضل الله وكرم الله وعطف الله ومحبة الله وود الله ، فعليه بالتشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم
الانوار المحمدية فى القران
مشاركةبواسطة البصيرة » الاثنين 29 ربيع الأول 1436هـ/19 يناير 2015م/23:08
[frame="8 10"] ^بادئة^
سورة الأحزاب سورة شاملة جامعة ، جمع الله فيها أخلاق المؤمنين وصفات المتقين ، كما جمع الله فيها وظائف سيد المرسلين وما كلفه الله به من أحكام هذا الدين ، جمع الله لنا هذه السورة الكبيرة في آية واحدة وهي قول الله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} الأحزاب21
هذه الآية على صغرها تحتوي على ما في السورة كلها من علوم نافعة ومن أخلاق كريمة ومن عقيدة حقة ومن أسوة فاضلة ، بل تحتوي على خلاصة القرآن الكريم ، فالقرآن الكريم على علوه وفضله ، ما جاء لنا وما أنزله علينا ربنا إلا ليعلمنا فيه كيف نقتدي برسول الله؟ وكيف نتشبه به؟ وحقيقة التأسي به
بل إن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مع علو بيانها ومع رفعة شأنها جاءت موضحة للطريقة الصحيحة لمتابعة رسول الله ، لأن متابعته صلى الله عليه وسلم سر النجاح لنا في دنيانا وفي أخرانا وسر رضا الله عنا ، فلن ننال رضا الله إلا بحسن متابعة رسول الله ولن ننال ما نرجوه عند الله في الدين والدنيا والآخرة إلا إذا كنا قريبين من رسول الله في صفاته قريبين منه في أخلاقه قريبين منه في عبادته متشبهين به في معاملاته
بل إن الأمر يوم القيامة يوزن بما كان يعمله رسول الله ، فصلاة المؤمنين توزن بصلاة رسول الله ، فكلما اشتد شبه الصلاة من أحدنا بصلاة رسول الله في ركوعها وسجودها وفي خشوعها كان قريباً من رسول الله في الجنة وكان بجواره في ظل العرش وكان من الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ، وكلما تشبه الإنسان على قدر استطاعته برسول الله في حياته كلما نال من الله إنعامه وفضله وكان مع رسول الله في درجة واحدة
عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ َقُالُ: {جَاءَتْ مَلائِكَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ نَائِمٌ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ فَقَالُوا إِنَّ لِصَاحِبِكُمْ هَذَا مَثَلًا فَاضْرِبُوا لَهُ مَثَلًا فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ فَقَالُوا مَثَلُهُ كَمَثَلِ رَجُلٍ بَنَى دَارًا وَجَعَلَ فِيهَا مَأْدُبَةً وَبَعَثَ دَاعِيًا فَمَنْ أَجَابَ الدَّاعِيَ دَخَلَ الدَّارَ وَأَكَلَ مِنْ الْمَأْدُبَةِ وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّاعِيَ لَمْ يَدْخُلْ الدَّارَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْ الْمَأْدُبَةِ فَقَالُوا أَوِّلُوهَا لَهُ يَفْقَهْهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّهُ نَائِمٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّ الْعَيْنَ نَائِمَةٌ وَالْقَلْبَ يَقْظَانُ فَقَالُوا فَالدَّارُ الْجَنَّةُ وَالدَّاعِي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ أَطَاعَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسسلم فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَى مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلمَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فَرْقٌ بَيْنَ النَّاسِ}{1}
ولذلك خاطبكم ربكم ، وقال لكم: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} قدوة سليمة وحكيمة وعظيمة {لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} أي من كان يريد الله ورضاء الله وفرج الله وفضل الله وكرم الله وعطف الله ومحبة الله وود الله ، فعليه بالتشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم
عليه أن يجعل نصب عينيه صورة رسول الله المعنوية أمامه يقتدي بفعاله ويتشبه بخصاله ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هو الجسم الذي كان يعيش في دنيا الناس ولكنه الأوصاف التي سئلت عنها السيدة عائشة رضي الله عنها فقيل لها يا أم المؤمنين ما كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: أما تقرأ القرآن {كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآن}{2}
فمجموعة الأخلاق الفاضلة لم تظهر في الوجود إلا على هذا الرءوف الرحيم الحريص على المؤمنين، والفرد الكامل في الأخلاق والشيم والجمالات لرب العالمين فلم يظهر التواضع على حقيقته ولا الرحمة بتمامها ولا الكرم والزهد والورع والصدق والوفاء والمروءة والشهامة والشجاعة والخشوع والمسكنة بين يدي الله والتواضع لله والذل لله والانتصار لله لم تظهر هذه الصفات بكمال هيئاتها وبحقيقة حالها إلا على هذا الرسول الكريم
ولذلك عندما تحلى بالمثل الأعلى في الصفات الربانية والأخلاق القرآنية والمعاملات الطيبة النبوية أعطاه الله أعلى وسام في الوجود لم يحصل عليه ملك مقرب ولا نبي مرسل قال الله تعالى فيه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} القلم4
فهو صاحب الخلق العظيم والمقام الكريم ، فعلينا معشر المؤمنين كما خاطبنا رب العالمين أن نتأسى به في كل حركاته وسكناته منذ ساعة قيامنا من النوم إلى ساعة أن نضع جنبنا للنوم ، فإذا قمنا من النوم نقوم كما كان يقوم ونقول كما كان يقول ، فنقول: {الحمد لله الذي أحيانا بعد مماتنا وإليه النشور} ثم نفعل مثلما كان يفعل
فنتوضأ مثلما كان يتوضأ وندخل الخلاء مثلما كان يدخل ونخرج منه مثلما كان يخرج ، ثم نصلي كما كان يصلي وهكذا فنأكل مثلما كان يأكل ونشرب مثلما كان يشرب ونلبس مثلما كان يلبس ونمشي مثلما كان يمشي ونجلس مثلما كان يجلس بل نتكلم مثلما كان يتكلم ونعامل الناس كما كان يعامل الخلق ، ونمشي في دنيانا سعياً إلى المعاش كما كان هديه في السعي على المعاش ونتفكر في خلق الله كما كان يتفكر
فإذا كنا كذلك - وأظن هذا سهلاً علينا معشر المؤمنين - أعطانا الله البشارة ووهبنا الفضل العظيم الذي أعده الله لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ، قال صلى الله عليه وسلم: {كُلُّ أُمَّتي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ أَبَى? ، قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَد أَبَى?}{3}
{1} صحيح البخارى {2} رواه ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب المفرد ومسلم والترمذي والنسائي والحاكم {3} رواه البخاري في صحيحه وأحمد في مسنده عن أبي هريرة
منقول